وبين ما يلي منها مسافة بل هي ملاصقة لإحدى قرى الأنصار التي المدينة اسم لها كلها، وهي قرية بني عمرو بن عوف في قباء بينهما وبين القرية التي كان رسول الله نازلاً بها نحو ميلين، فمشى الكل مشياً ولم يركب إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يقاتلوا بها قتالاً بعد، فلذلك جعلها الله فيئاً ولم يجعلها غنيمة، فهي تقسم قسمة الفيء، لا قسمة الغنيمة، فخمسها لأهل خمس الغنيمة وهم الأصناف الخمسة المذكورون في الآية التي بعدها، وما فضل فهو الأربعة الأخماس له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مضمومة إلى ما حازه من خمس الخمس.
ولما كان معنى هذا: فما كان التسليط بكم، استدرك بقوله: ﴿ولكن الله﴾ أي الذي له العز كله فلا كفوء له ﴿يسلط رسله﴾ أي له هذه السنة في كل زمن ﴿على من يشاء﴾ بجعل ما آتاهم سبحانه من الهيبة رعباً في قلوب أعدائه، فهو الذي سلط رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هؤلاء بأن ألقى في روعه الشريف أن يذهب إليهم فيسألهم الإعانة في دية العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه خطأ، فلما جلس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جانب بيت من بيوتهم، وكانوا موادعين له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نقضوا عهدهم خفية مكراً منهم بعد أن رحبوا به ووعدوه الإعانة وأمروا أحدهم أن يرمي عليه من