نزلت في ناس من الأنصار قالوا: لنا من هذه القرى سهمنا.
ولما كان الكف عما ألفته النفوس صعباً، ولا سيما ما كان مع كونه تمتعاً بمال على وجه الرئاسة، رهب من المخالفة فيه بقوله: ﴿واتقوا الله﴾ أي اجعلوا لكم بطاعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقاية من عذاب الملك الأعظم المحيط علماً وقدرة، وعلل ذلك بقوله، معظماً له بإعادة الجلالة مؤكداً لأن فعل المخالف فعل المنكر: ﴿إن الله﴾ أي الذي له وحده الجلال والإكرام على الإطلاق ﴿شديد العقاب *﴾ أي العذاب الواقع بعد الذنب، ومن زعم أن شيئاً مما في هذه السورة نسخ بشيء مما في سورة الأنفال فقد أخطأ، لأن الأنفال نزلت في بدر وهي قبل هذه بمدة.
ولما نزع سبحانه أموال الفيء وما كانت عليه في الجاهلية، وبين مصرف الفيء من القرى، وتهدد في المخالفة في ذلك لصعوبته على النفوس، فكان ذلك جديراً بالتقبل بعد أن أفهم أن أموال بني النضير لمن سلطه عليهم وهو رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من المعلوم من حاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإيثار على نفسه والقناعة بما دون الكفاف، بين المصرف فيها بعد كفايته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن بيان ذلك هو المقصود الأعظم لكونه حاصلاً حاضراً، الموطأ له بأموال أهل القرى، فقال مبدلاً من {لله


الصفحة التالية
Icon