منعم فقال تعالى: ﴿أفرأيتم اللات والعزى﴾ والتحمت الآي على هذه الأغراض إلى الإعلام بانفراده سبحانه بالإيجاد والقهر والإعزاز والانتقام، لا يشاركه في شيء من ذلك غيره فقال: ﴿وأن إلى ربك المنتهى وأنه هو أضحك وأبكى﴾. ولما بين ذلك فقال: ﴿فبأي آلاء ربك تتمارى﴾ أي في أيّ نعمة تشكون أم بأي آية تكذبون؟ ثم قال: ﴿هذا نذير من النذر الأولى﴾ وإذا كان عليه الصلاة والسلام... فشأن مكذبيه شأن مكذبي غيره - انتهى.
ولما كان الوحي ظاهراً فيما بواسطة الملك، تشوف السامع إلى بيان ذلك فقال مبيناً له بأوصافه لأن ذلك أضخم في حقه وأعلى لمقداره: ﴿علمه﴾ أي صاحبكم الوحي الذي أتاكم به ﴿شديد القوى *﴾ أفلا تعجبون من هذه البحار الزاخرة التي فأقكم بها وهو أمي فإن معلمه بهذه الصفة التي هو بها بحيث ينفذ كل ما أمره الله به ﴿ذو مرة﴾ أي جزم في قوة وقدرة عظيمة على الذهاب فيما أمر به والطاقة لحمله في غير آية النشاط والحدة كأنه ذو مزاج غلبت عليه الحدة فهو صعب المراس ماض في مراوته على طريقة واحدة على غاية من الشدة لا توصف لا التفات له بوجه إلى غير ما أمر به، فهو على غاية الخلوص فهو مجتمع القوى مستحكم الشأن شديد الشكيمة، لا بيان في شيء بزواله ومن جملة ما أعطى من القوة والقدرة على التشكل، وإلى ذلك كله أشار بما سبب عن هذا من قوله: ﴿فاستوى *﴾ فاستقام واعتدل بغاية ما يكون


الصفحة التالية
Icon