معهم على وجه يعم من قبلهم، فقال معلماً بأن الأمر كله بيده حثاً على الالتجاء إليه من أخطار النفس التي هي أعدى الأعداء: ﴿ولا تجعل﴾ وأفهم قوله: ﴿في قلوبنا﴾ أن رذائل النفس قل أن تنفك وأنها إن كانت مع صحة القلب أوشك أن لا تؤثر ﴿غلاًّ﴾ أي ضغناً وحسداً وحقداً وهو حرارة وغليان يوجب الانتقام ﴿للذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان وإن كانوا في أدنى درجاته.
ولما كان هذا دعاء جامعاً للخير، لقنهم ما يجيبهم في لزومه والتخلق به مع ما فيه من التملق للإله والتعريض له بقوة الرجاء فقال: ﴿ربنا﴾ أي أيها المحسن إلينا بتعليم ما لمن نكن نعلم، وأكدوا إعلاماً بأنهم يعتقدون ما يقولونه وإن ظهر من أفعالهم ما يقدح في اعتقادهم ولو في بعض الأوقات فقالوا: ﴿إنك رؤوف﴾ أي راحم أشد الرحمة لمن كانت له بك وصلة بفعل من أفعال الخير ﴿رحيم *﴾ مكرم غاية الإكرام لمن أردته ولو لم يكن له وصلة، فأنت جدير بأن تجيبنا لأنا بين أن يكون لنا وصلة فنكون من أهل الرأفة، أو لا فنكون من أهل الرحمة، فقد أفادت هذه الآية أن من كان في قلبه غل على أحد من الصحابة رضي الله عنهم


الصفحة التالية
Icon