الكلام على ما لم يكن ولا ليكون لو كان كيف كان يكون بصدق الكلام على ما لم يكن ويكون كيف يكون إذا كان في قوله تعالى: ﴿ولئن نصروهم﴾ أي المنافقون في وقت من الأوقات ﴿ليولن﴾ أي المنافقون ومن ينصرونه، وحقرهم بقوله: ﴿الأدبار﴾ ولما كان من عادة العرب الكر بعد الفر، بين أنهم لا كرة لهم بعد هذه الفرة وإن طال المدى فقال: ﴿ثم لا ينصرون *﴾ أي لا يتجدد لفريقيهم ولا لواحد منهما نصرة في وقت من الأوقات، وقد صدق سبحانه لم يزل المنافقون واليهود في الذل ولا يزالون.
ولما كان ربما قيل: إن تركهم لنصرهم إنما هو لخوف الله أو غير ذلك مما يحسن وقعه، علل بما ينفي ذلك ويظهر أن محط نظرهم المحسوسات كالبهائم فقال مؤكداً له لأجل أن أهل النفاق ينكرون ذلك وكذا من قرب حاله منهم: ﴿لا أنتم﴾ أيها المؤمنون ﴿أشد رهبة﴾ أي من جهة الرهبة وهو تمييز محول عن المبتدأ أي لرهبتكم الكائنة فيهم أشد وأعظم ﴿في صدورهم﴾ أي اليهود ومن ينصرهم مما أفاض إليها من قلوبهم


الصفحة التالية
Icon