إعلاماً بأنه لا براح عن الإيمان بالغيب، ومن برح عنه هلك ﴿وهو﴾ أي الذي لا شيء يستحق أن يطلق عليه هذا الضمير غيره لأن وجوده من ذاته ولا شيء غيره إلا وهو ممكن فهو أهل لأن لا يكون فلا يكون له ظهور ليكون له بطون.
ولما ابتدأ بهذا الغيب المحض الذي هو أظهر الأشياء، أخبر عنه بأشهر الأسماء الذي لم يقع فيه شركة بوجه فقال: ﴿الله﴾ أي الذي ليس له سمي فلا كفوء له فهو المعهود بالحق فلا شريك له بوجه. ولما بدأ سبحانه بهذا الدليل الجامع بين الغيب والظهور، ثنى بتنزيل متضمن للعلم والقدرة فهو في غاية الظهور فقال: ﴿الخالق﴾ أي الذي لا خالق على الحقيقة إلا هو لأن الخلق فرض حد وقدر في مطلق منه لم يكن فيه بعد حد ولا قدر كالحاذي يخلق أي يقدر في الجلد حداً وقدراً لنعل ونحوه وهو سابق للفري والبري ونحو «سبق العلم العمل» فالخالق في الحقيقة هو الذي كل شيء عنده بمقدار، الذي يقول ﴿يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق﴾ [الزمر: ٦] ﴿وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم﴾ [الحجر: ٢١] ومن ناشئة القدر الفرق والترتيب، ومن ناشئة


الصفحة التالية
Icon