والتعميم في النهي بقوله: ﴿وإياكم﴾ أي من دياركم من مكة المشرفة.
ولما بين كفرهم، معبراً بالمضارع إشارة إلى دوام أذاهم لمن آمن المقتضي لخروجه عن وطنه، علل الإخراج بما يحقق معنى الكفر والجداوة فقال: ﴿أن﴾ أي أخرجوكم من أوطانكم لأجل أن ﴿تؤمنوا﴾ أي توقعوا حقيقة الإيمان مع التجديد والاستمرار.
ولما كان الإيمان به سبحانه مستحقاً من وجهي الذات والوصف لفت الخطاب من التكلم إلى الغيبة للتنبيه عليهما فقال: ﴿بالله﴾ أي الذي اختص بجميع صفات الكمال، ولما عبر بما أبان أنه مستحق للإيمان لذاته أردفه بما يقتضي وجوب ذلك لإحسانه فقال: ﴿ربكم﴾ ولما ألهبهم على مباينتهم لهم بما فعلوا معهم وانقضى ما أريد من التنبيه بسياق الغيبة عاد إلى التكلم لأنه أشد تحبباً وأعظم استعطافاً وأكمل على الرضا فألهبهم بما كان من جانبهم من ذلك الفعل أن لا يضيعوه، فقال معلماً إن ولايته سبحانه لا تصح إلا بالإيمان، ولا يثبت الإيمان إلا بدلائله من الأعمال، ولا تصح الأعمال إلا بالإخلاص، ولا يكون الإخلاص إلا بمباينه الأعداء: ﴿إن كنتم﴾ أي كوناً راسخاً حين أخرجوكم من أوطانكم لأجل إيمانكم بي ﴿خرجتم﴾ أي منها وهي أحب البلاد إليكم ﴿جهاداً﴾ أي لأجل الجهاد ﴿في سبيلي﴾ أي بسبب إرادتكم


الصفحة التالية
Icon