ولما كان ذلك قد يكون لغير البغض بل لتأديب ونحوه قالوا: ﴿والبغضاء﴾ أي وهي المباينة بالقلوب بالبغض العظيم. ولما كان ذلك قد يكون سريع الزوال قالوا: ﴿أبداً﴾ ولما كان ذلك مرئياً من صلاح الحال، وكان قد يكون لحظ نفس بينوا غايته على وجه عرفت به علته بقولهم: ﴿حتى تؤمنوا﴾ أي توقعوا الأمان من التكذيب من أمركم بالإيمان وأخبركم عن الرحمان، حال كونكم مصدقين ومعترفين ﴿بالله﴾ أي الملك الذي له الكمال كله. ولما كانوا يؤمنون به مع الإشراك قالوا: ﴿وحده﴾ أي تكونوا مكذبين بكل ما يعبد من دونه.
ولما حث سبحانه المخاطبين على التأسي بقوله إبراهيم ومن معه في الوقت عليهم السلام استثنى منه فقال تأنيساً لمن نزلت القصة بسببه واستعطافاً له وهو حاطب ابن أبي بلتعة رضي الله عنه: ﴿إلا قول إبراهيم﴾ أي فلا تأسي لكم به ﴿لأبيه﴾ واعداً له قبل أن يبين له أنه ثابت العداوة لله تعالى لكونه مطبوعاً على قلبه، فلا صلاح له، يقال: إن أباه وعده أنه يؤمن فاستغفر له، فلما تبين له، أنه لا يؤمن تبرأ منه: ﴿لأستغفرن﴾ أي لأوجدن طلب الغفران من الله ﴿لك﴾ فإن هذا الاستغفار لكافر، فلا ينبغي لهم أن يتأسوا به فيه مطلقاً غير ناظرين إلى علم أنه مطبوع على قلبه أو في حيز الرجوع.


الصفحة التالية
Icon