لا لذاتها ولا لأنفسهم بل لئلا يزيد ذلك أعداءهم ضلالاً ﴿ربنا﴾ أي أيها المحسن إلينا بتخليصك لنا من الهلاك باتباعهم ﴿عليك﴾ أي لا على غيرك ﴿توكلنا﴾ أي فعلنا في جميع أمورنا معك فعل من يحملها على قوى ليكفيه أمرها لأنا نعلم أنك تكفي إذا شئت كل ملم، وأنه لا يذل من والتي ولا يعز من عاديت وقد عادينا فيك قوماً عتاة أقوياء ونحن ضعفاء، ورضينا بكل ما يحصل لنا منهم غير أن عافيتك هي أوسع لنا.
ولما كان الذي ينبغي لكل أحد وإن كان محسناً أن يعد نفسه مقصراً شارداً عن ربه لأنه لعظم جلاله لا يقدر أحد أن يقدره حق قدره، وأن يعزم على الاجتهاد في العبادة قالوا مخبرين بذلك عادين ذلك العزم رجوعاً: ﴿وإليك﴾ أي وحدك لا إلى غيرك ﴿أنبنا﴾ أي رجعنا بجميع ظواهرنا وبواطننا. ولما كان المعنى تعليلاً: فإنه منك المبدأ، عطف عليه قوله: ﴿وإليك﴾ أي وحدك ﴿المصير *﴾ ولما أخبروا بإسلامهم له سبحانه وعللوه بما اقتضى الإحاطة فاقتضى مجموع ذلك الثناء الأتم، فلزم منه الطلب، صرحوا به فقالوا داعين بإسقاط الأداة للدلالة على غاية قربه سبحانه بما له من الإحاطة: ﴿ربنا﴾ أي أيها المربي لنا والمحسن إلينا ﴿لا تجعلنا﴾ بإضعافنا والتسليط علينا ﴿فتنة﴾


الصفحة التالية
Icon