فأخرج ذلك القتال بسبب حق دنيوي لا تعلق له بالدين، وأخرج من لم يقاتل أصلاً كخزاعة والنساء، ومن ذلك أهل الذمة بل الإحسان إليهم من محاسن الأخلاق ومعالي الشيم لأنهم جيران.
ولما كان الذين لم يقاتلوا لذلك ربما كانوا قد ساعدوا على الإخراج قال: ﴿ولم يخرجوكم﴾ وقيد بقوله: ﴿من دياركم﴾ ولما كان قد وسع لهم سبحانه بالتعميم في إزالة النهي خص بقوله مبدلاً من «الدين» :﴿أن﴾ أي لا ينهاكم عن أن ﴿تبروهم﴾ بنوع من أنواع البر الظاهرة فإن ذلك غير صريح في قصد المواددة ﴿وتقسطوا﴾ أي تعدلوا العدل الذي هو في غاية الاتزان بأن تزيلوا القسط الذي هو الجور، وبين أن المعنى: موصلين لذلك الإقساط ﴿إليهم﴾ إشارة إلى أن فعل الإقساط ﴿إليهم﴾ إشارة إلى أن فعل الإقساط ضمن الاتصال، وإلى أن ذلك لا يضرهم وإن تكفلوا الإرسال إليهم من البعد بما أذن لهم فيه فإن ذلك من الرفق والله يحب الرفق في جميع الأمور ويعطي عليه ما لا يعطي على الخرق، ثم علل ذلك بقوله مؤكداً دفعاً لظن من يرى أذى الكفار بكل طريق، ﴿إن الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿يحب﴾ أي يفعل المحب مع ﴿المقسطين *﴾ أي الذين يزيلون الجور ويوقعون العدل.
ولما علم الحال من هذا وما في أول السورة، أتبعه التصريح بما