لأن تلك الصيغ ترد تارة على عمومها وتارة يراد بها بعض الأفراد فتكون من العام الذي أريد به الخصوص، وتارة يقع فيها التخصيص، فتكون من العام الذي أريد به الخصوص فطرقها الاحتمال فاحتاج ما دلت عليه من الظاهر إلى قرينة، وكان دخول النساء تحت لفظ «من» في صلح الحديبية أما عرباً عن القرينة أو أن القرينة القتال الذي وقع الصلح عليه بسببه صارفة عنه، وكذا قرينة التعبير عنهن ب «ما» دون «من» في كثير من الكتاب العزيز
﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء﴾ [النساء: ٣] ﴿أو ما ملكت أيمانكم﴾ [النساء: ٣] ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء﴾ [النساء: ٢٢] ﴿والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم﴾ [النساء: ٢٤] ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ [النساء: ٢٤] ﴿فما استمتعتم به منهن﴾ [النساء: ٢٤]، ﴿فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات﴾ [النساء: ٢٥] ﴿إلا على أزواجكم أو ما ملكت أيمانهم﴾ [المؤمنون: ٦]، وكان قد ختم سبحانه هذه الآيات التي أدب بها في غزوة الفتح بما أبان به ما لا يخرج عن الصلح في عمرة الحديبية مما هو أقرب إلى الخير من البر والعدل، ونهى عن تولي الكفار، فكانت المصاهرة والمناكحة من أعظم التولي، وصل بذلك ما لا يخرج عنه ولا يحل بالعهد في أن من جاء من الكفار إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رده إليهم وإن كان مسلماً، فقال مخاطباً لأدنى أسنان أهل الإيمان الذين


الصفحة التالية
Icon