ولما كان هذا مما يفرح به ويغنم عند تقدير فواته، قال مستأنفاً مبشراً بإدامة تجديد أمثاله لهم: ﴿يحكم﴾ أي الله أو حكمه على سبيل المبالغة، ودل على استغراق الحكم لجميع ما يعرض بين العباد وأنه سبحانه لم يهمل شيئاً منه بإعراء الجار من قوله: ﴿بينكم﴾ أي في هذا الوقت وفي غيره على هذا المنهاج البديع، وذلك لأجل الهدنة التي وقعت بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبينهم، وأما قبل الحديبية فكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسك النساء ولا يرد الصداق.
ولما كان التقدير: فالله حكم عدل، قال: ﴿والله﴾ أي الذي له الإحاطة التامة ﴿عليم﴾ أي بالغ العلم لا يخفى عليه شيء ﴿حكيم *﴾ أي فهو لتمام علمه يحكم كل أموره غاية الإحكام فلا يستطيع أحد نقض شيء منها.
ولما كان المظنون بالكفار عدم العدل فلا يعطون المؤمنين مهور نسائهم الكافرات، قال مداوياً لذلك الداء: ﴿وإن فاتكم﴾ أي بالانفلات منكم بعد الهجرة أو بإدامة الإقامة في بلاد الحرب ﴿شيء﴾ أي قل أو كثر ﴿من أزواجكم﴾ أي من أنفسهن أو مهورهن ﴿إلى﴾ أي متحيزاً أو واصلاً إلى ﴿الكفار﴾ فعجزتم عنه ﴿فعاقبتم﴾ أي تمكنتم من المعاقبة بأن فات الكفار شيء من أزواجهم بالهجرة إليكم أو اغتنمتم