من توليهم كما أفهمته آية المبايعة وآية الامتحان، فقال ملذذاً لهم بالإقبال بالخطاب كما فعل أولها بلذيذ العتاب: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾.
ولما كان الميل عن الطريق الأقوام على خلاف ما تأمر به الفطرة الأولى فلا يكون إلا عن معالجتها، عبر بالتفعل كما عبر به أول السورة بالافتعال فقال: ﴿لا تتولوا﴾ أي تعالجوا أنفسكم أن تتولوا ﴿قوماً﴾ أي ناساً لهم قوة على ما يحاولونه فغيرهم من باب الأولى ﴿غضب الله﴾ أي أوقع الملك الأعلى الغضب ﴿عليهم﴾ لإقبالهم على ما أحاط بهم من الخطايا فهو عام في كل من اتصف بذلك يتناول اليهود تناولاً أولياً.
ولما كان السامع لهذا يتوقع بيان سبب الغضب، قال معللاً ومبيناً أنه لا خير فيهم يرجى وإن ظهر خلاف ذلك: ﴿قد يئسوا﴾ أي تحققوا عدم الرجاء ﴿من الآخرة﴾ أي من أن ينالهم منها خير ما لإحاطة معاصيهم بهم أو لعدم اعتقادهم لقيامها ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، فيوشك من والاهم يكتب منهم فيحل بهم الغضب ﴿كما يئس﴾ من نيل الخير منها ﴿الكفار﴾ ولما كان من مات فصار أهلاً للدفن كشف له عن أحوال القيامة فعرف أنه ناج أو هالك، وكان الموتى أعم من الكفار، وموتى الكفار أعم ممن يدفن منهم فقال:


الصفحة التالية
Icon