غوامض الأدب، اختص بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولما كانوا قد أنكروا الإسراء إنكاراً لم يقع لهم في غيره مثله، زاد في تأكيده على وجه يعم غيره فقال: ﴿لقد رأى﴾ أي أبصر بسبب ما أهلناه له من الرسالة إبصاراً سارياً إلى البواطن غير مقتصر على الظواهر ﴿من آيات ربه﴾ أي المحسن إليه بما لم يصل إليه أحد قبله ولا يصل إليه أحد بعده، ومن ادعى ذلك فهو كافر ﴿الكبرى *﴾ من ذلك ما رآه في السماوات من الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام إشارة بكل شيء إلى أمر دقيق جليل وحالة شريفة، وقال الإمام أبو القاسم السهيلي في الروض الأنف: والذي أقول في هذا أن مأخذ فهمه من علم التعبير، فإنه من علم النبوة، وأهل التعبير يقولون: من رأى نبياً بعينه في المنام فإن رؤياه تؤذن بما يشبه من حال ذلك النبي في شده أو رخاء أو غير ذلك من الأمور التي أخبر بها عن الأنبياء في القرآن والحديث، وحديث الإسراء كان بمكة، ومكة حرم الله وأمنه، وقطانها جيران الله لأن فيها بيته، فأول ما رأى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام آدم عليه الصلاة والسلام الذي كان في أمن الله وجواره، فأخرجه إبليس عدوه منها، وهذه القصة تشبهها الحالة الأولى من أحوال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أخرجه أعداؤه من حرم الله وجوار بيته، فكربه ذلك وغمه فأشبهت قصته في هذا