حتى صالحه على الجزية بعد أن أتى به أسيراً، وافتتح مكة ودخل أصحابه البلد الذي خرجوا منه، ثم لقاؤه في السماء السابعة إبراهيم عليه السلام لحكمتين: إحداهما أنه رآه عند البيت المعمور مسنداً ظهره إليه، والبيت المعمور جبال مكة، وإليه تحج الملائكة كما أن إبراهيم عليه السلام هو الذي بنى الكعبة وإذن في الناس بالحج إليها، والحكمة الثانية أن آخر أحوال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجه إلى البيت الحرام، وحج معه في ذلك العام نحو من سبعين ألفاً من المسلمين، ورؤية إبراهيم عليه السلام عند أهل التأويل تؤذن بالحج لأنه الداعي إليه والرافع لقواعد الكعبة المحجوجة - انتهى. وهذا المقام هو الإسراء وما تفرع منه الموصل إلى أعلى ما يكون من تجريد التوحيد، فجعل سبحانه عنوانه المفروض فيه الحاجز بين الإسلام والشرك وهو الصلاة الجامعة لمعاني الدين الشاملة لجميع البركات بأن جعلت خمسين مستغرقة لجميع الفراغ ثم ردت إلى خمس دون القوى بكثير ثم رتب عليها جزاء الخمسين ورفع كل واحدة من صلاة الجماعة إلى سبع وعشرين صلاة وفضل صلاتي الطرفين: الصبح الثنائية والعصر الرباعية بشهادة فريقي الملائكة وكتابتهما في صحيفتي كل من الجمعين، فقال حمزة الكرماني في جوامع التفسير: فأسري به في شهر ربيع الأول قبل الهجرة من بيت أم هانىء رضي الله عنها، ثم ساق حديث الإسراء مساقاً عجيباً جداً طويلاً.