من مكان عال كما أنه لو أراد لقلب الأرض التي ثبتها وأوقع السقف الذي رفع، وأطلق البحر الذي سجر، كما علم من إطلاقه البحر فلقه على آل فرعون حتى أغرقهم به ﴿ما له من دافع *﴾ لأنه لا شريك لموقعه لما دلت عليه هذه الأقسام من كمال قدرته وجلال حكمته وضبط أعمال العباد للمجازاة سواء قلنا: إن الكتاب هو الذي يكتبه الحفظة أو الذي يضبط الدين، فلما أوقع الجزاء بهم في الصحيفة، ونقض معاقدتهم، وفض جمعهم، أخرج معاشرك من ذلك الضيق فكذلك يؤيدك حتى توقع بهم وتنقض جمعهم وتكسر شوكتهم ونقتل سرواتهم ويظهر دينك على دينهم، ويصير من بقي منهم من حزبك وأنصار دينك، قال البغوي: قال جبير بن مطعم رضي الله عنه: قدمت المدينة لأكلم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أسارى بدر، فدفعت إليه وهو يصلي بأصحابه المغرب وصوته يخرج من المسجد فسمعته يقرأ ﴿والطور﴾ - إلى قوله - ﴿إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع﴾ فكأنما صدع قلبي حين سمعته، ولم أكن أسلمت يومئذ، فأسلمت خوفاً من نزول العذاب ما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب.