والنصارى يدعون متابعة عيسى عليه السلام، ومن العرب يدعون متابعة إبراهيم عليه السلام، ومن عداهم لا متمسك لهم ولا سلف في نبوة محققة ولا شريعة محفوظة، ثم فسر الذي في الصحف أو استأنف بقوله: ﴿ألا تزر﴾ أي تأثم وتحمل ﴿وازرة﴾ أي نفس بلغت مبلغاً تكون فيه حاملة ﴿وزر أخرى *﴾ أي حملها الثقيل من الإثم، يعني فمن يحمل عنه أثم أحد الشقين الذي لزمه فلا بد أن يكون آثماً وهما قبل التولي وما بعده.
ولما نفى أن يضره إثم غيره نفى أن ينفعه سعي غيره فقال: ﴿وأن ليس للإنسان﴾ كائناً من كان ﴿إلا ما سعى *﴾ فلا بد أن يعلم الحق في أي جهة فيسعى، ودعاء المؤمنين للمؤمن سعيه بمواددته لهم ولو بموافقته لهم في الدين وكذا الحج عنه والصدقة ونحوهما، وأما الولد فواضح في ذلك، وأما ما كان لسبب العلم ونحوهما فكذلك، وتضحية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عزامته أصل كبير في ذلك، فإن من تبعه فقد وادده، وهذا أصل في التصدق عن الغير وإهداء ما له من الثواب في القراءة ونحوها.
ولما ثبت أنه ليس له ولا عليه إلا ما عمل، وكان في الدنيا قد يفعل الشيء من الخير والشر ولا يراه من فعله لأجله ولا غيره نفى أن يكون الآخرة كذلك بقوله: ﴿وأن سعيه﴾ أي من خير وشر ﴿سوف﴾ أي من غير شك بوعد لا خلف فيه وإن طال المدى.


الصفحة التالية
Icon