تلويح ولا تعريض، ثم إنه وقع عقب كل قصة في هذه السورة قوله تعالى: ﴿إن في ذلك﴾ وفيه تهديد ووعيد، وقال تعالى في آخر والصافات: ﴿فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون﴾ [الصافات: ١٤٩] وهذا أعظم التوبيخ وأشد التقريع، ثم نزه نبيه سبحانه عن بهتان مقالهم وسوء ارتكابهم وقبح فعالهم، بقوله: ﴿سبحان ربك رب العزة عما يصفون﴾ [الصافات: ١٨٠] فلما أخذوا بكل مأخذ فما أغنى ذلك عنهم قال تعالى في سورة القمر: ﴿ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر﴾ ﴿حكمة بالغة فما تغني النذر﴾، ثم قال تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿فتول عنهم﴾ ولم يقع أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتركهم والإعراض عنهم والتولي إلى بعد حصول القصص في السورة المذكورة وأخذهم بكل طريق، وأول أمره بذلك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سورة السجدة ﴿فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون﴾ ثم في سورة والذريات ﴿فتول عنهم فما أنت بملوم﴾ بأشد وعيد وأعظم تهديد بعقب كل قصة بقوله: ﴿ولقد تركناها آية فهل من مذكر﴾ وقوله: ﴿فكيف كان عذابي ونذر﴾ ثم صرف إليهم بما تقدم قوله: ﴿أكفاركم خير من أولائكم أم لكم براءة في الزبر﴾ فبلغ ذلك أعظم مبلغ في البيان وإعذار، ثم قال تعالى: ﴿وكل شيء فعلوه في الزبر﴾ ففرق سبحانه بسابق حكمته فيهم ﴿إنا كل شيء خلقناه بقدر﴾ وانقضى ذكر القصص فلم يتعرض لها مستوفاة على المساق فيما بعد إلى آخر الكتاب - فسبحان من رحم به عباده المتقين وجعله آية وأي