في سورة سنام القرآن أصلاً لما في سائره من ذلك، وذكر قبل ذلك أن الملة ما يدعو إليه هدى العقل المبلغ عن الله توحيده من ذوات الحنيفيين، وأن الدين الإسلام، والإسلام إلقاء ما باليد ظاهراً وباطناً، وذلك إنما يكون عن بادي غيب التوحيد - انتهى.
ولما عاب سبحانه أهل الضلال وكان جُلُّهم من ذرية إبراهيم عليه السلام وجميع طوائف الملل تعظمه ومنهم العرب وبيته الذي بناه أكبر مفاخرهم وأعظم مآثرهم ذكر الجميع ما أنعم به عليه تذكيراً يؤدي إلى ثبوت هذا الدين باطلاع هذا النبي الأمي الذي لم يخالط عالماً قط على ما لا يعلمه إلا خواص العلماء، وذكر البيت الذي بناه فجعله الله عماد صلاحهم، وأمر بأن يتخذ بعض ما هناك مصلى تعظيماً لأمره وتفخيماً لعلي قدره؛ وفي التذكير بوفائه بعد ذكر الذين وفوا بحق التلاوة وبعد دعوة بني إسرائيل عامة إلى الوفاء بالشكر حث على الاقتداء به، وكذا في ذكر الإسلام والتوحيد هزّ لجميع من يعظمه إلى اتباعه في ذلك.
وقال الحرالي: لما وصل الحق تعالى بالدعوة العامة الأولى في قوله تعالى: ﴿يا أيها الناس﴾ ذكر أمر آدم وافتتاح استخلافه ليقع بذلك جمع الناس كافة في طرفين في اجتماعهم في أب واحد