يعلمهم ما لم يكن في كتابهم مثال علمه. ففيه إشعار بفتح وتجديد فطرة يترقون لها إلى ما لم يكن في كتابهم علمه - انتهى. وذلك لأن استعمال الحكمة موجب للترقي فقال تعالى: ﴿ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون﴾ أي من الاستنباط من الكتاب من المعارف بما يدريكم به من الأقوال والأفعال ويسلككم فيه من طرق الخير الكاشفة لظلام الظلم الجالية لمرأى الأفكار المنورة لبصائر الاعتبار.
ولما كان من المعلوم أن هذا الخير الذي يفتر عنه ذو بصيرة ولا يقصر دونه من له أدنى همة إنما كان يذكر الله سبحانه وتعالى للعرب تفضلاً منه عليهم بعد طول الشقا وتمادي الجهل والجهد والعناء رغّبهم فيما يديم ذلك مسبباً له عما تقدم فقال: ﴿فاذكروني﴾ أي لأجل إنعامي عليكم بهذا وبغيره ﴿أذكركم﴾ فأفتح لكم من المعارف وأدفع عنكم من المخاوف ما لا يدخل تحت حد ﴿واشكروا لي﴾ وحدي من غير شريك تشركون معي أزدكم، وأكد


الصفحة التالية
Icon