قبض بسطه حرف النهي حتى لم يبق لابن آدم حظ فيما زاد على جلف الطعام وهي كسرة وثوب يستره وبيت يكنه، وما زاد عليه متجر إن أنفقه ربحه وقدم عليه وإن ادخره خسره وندم عليه؛ ولذلك لم يأذن الله سبحانه وتعالى لأحد في أكله حتى يتصف بالطيب للناس الذين هم أدنى المخاطبين بانسلاخ أكثرهم من العقل والشكر والإيمان ﴿يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً﴾ [البقرة: ١٦٨] ومحا اسمه عن الذين آمنوا وهم الذين لا يثبتون ولا يدومون على خير أحوالهم بل يخلصون وذلك في قوله تعالى
﴿يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم﴾ [البقرة: ١٧٢] وهو ما طيبه حرف النهي علماً، وبرىء من حوادّ القلوب طمأنينة، وتمم وأنهى صفوة للمرسلين فقال ﴿يا أيها الرسل كلوا من الطيبات﴾ [المؤمنون: ٥١] وورد جواباً لسؤالهم في قوله تعالى ﴿يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات﴾ [المائدة: ٤] ؛ فمن آثر حرف النهي على حرف الحلال فقد تزكى واتبع الأحسن وصح هداه وصفا لبّه


الصفحة التالية
Icon