تناول غيرهم من أحزاب الكفار، فأنبأ تعالى عن أن الخلق بجملتهم وإن تشعبت الفرق وافترقت الطرق راجعون بحكم السوابق إلى طريقين فقال تعالى ﴿هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ [التغابن: ٢] وقد أوضحنا الدلائل أن المؤمنين على درجات، وأهل الكفر ذو طبقات، وأهل النفاق أدونهم حالاً وأسوأهم كفراً وضلالاً «إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار» وافتتحت السورة بالتنزيه لعظيم مرتكب المنافقين في جهلهم ولو لم تنطو سورة المنافقين من عظيم مرتكبهم إلا على ما حكاه تعالى من قولهم ﴿لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل﴾ [المنافقين: ٨] وقد أشار قوله تعالى ﴿يعلم ما في السماوات وما في الأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور﴾ [التغابن: ٤] إلى ما قبله وبعده من الآيات إلى سوء جهل المنافقين وعظيم حرمانهم في قولهم بألسنتهم مما لم تنطو عليه قلوبهم ﴿والله يشهد أن المنافقين لكاذبون﴾ [المنافقين: ١] واتخاذهم أيمانهم جنة وصدهم عن سبيل الله إلى ما وصفهم سبحانه به، فافتتح سبحانه وتعالى سورة التغابن بتنزيهه عما توهموه من مرتكباتهم التي لا تخفى عليه سبحانه ﴿ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم﴾ [التوبة: ٧٨] ثم قال تعالى: ﴿ويعلم ما تسرون وما تعلنون﴾ [التغابن: ٤] فقرع ووبخ في عدة آيات ثم


الصفحة التالية
Icon