والاختيار وغيب أمر العاقبة، فكل منهما يكتب باختياره بتقدير الله، ولا يوجد من كل منهما إلا ما قدره عليه وأراده منه لأن وجود غير المقدور عجز، وخلاف المراد المعلوم جهل، وقد علم من هذه القسمة علماً قطعياً أن أحد القسمين مبطل ضال مخالف لأمر الملك الذي ثبت ملكه، ومن المعلوم قطعاً أن كل ملك لا بدّ له أن يحكم بين رعيته في الأمر الذي اختلفوا فيه وينصف المظلوم من ظالمه، ومن المشاهد أن بعضهم يموت على كفرانه من غير نقص يلحقه، وبعضهم على إيمانه كذلك، فعلم أن هذه الدار ليست دار الفصل، وأن الدار المعدة له إنما هي بعد الموت والبعث، وهذا مما هو مركوز في الطبائع لا يجهله أحد، ولكن الخلق أعرضوا عنه بما هم فيه من القواطع، فصار مما لا يخطر بإنكارهم، فصار بحيث لا تستقل به عقولهم، ولكنهم إذا ذكروا به وأوضحت لهم هذه القواطع التي أشار سبحانه إليها وجردوا النفس عن الحظوظ والمرور مع الألف عدوه كلهم من الضروريات، وعلم ن تسبيبه تقسيمهم هذا عن تقديره وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره.
ولما كان التقدير: فالذي أبدعكم وحملكم على ذلك وفاوت بينكم