للنوع الذي جعل أحسن أفراد أنواع لما فوقه من الجنس، لا نهاية لأحسنية بعضها بالنسبة إلى بعض يشاهد ما وجد من أفراد نوعه من الذوات فقدرة الله لا تتناهى، فإياك أن تصغي لما وقع في كتب الإمام الغزالي أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وإن كان قد علم أنه اعترض عليه في ذلك وأجاب عنه في الكتاب الذي أجاب فيه عن أشياء اعترض عليه فيها فإنه لا عبرة بذلك الجواب أيضاً، فإن ذلك ينحل إلى أنه سبحانه وتعالى لا يقدر على أن يخلق أحسن من هذا العالم، وهذا لا يقوله أحد، وهو لا ينقص مقدار الغزالي فإن كل أحد يؤخذ من كلامه ويرد كما قال الإمام مالك رضي الله عنه، وعزاه الغزالي بنفسه إلى ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه: صنفت هذه الكتاب وما ألوت فيها جهداً وإني لأعلم أن فيها الخطأ لأن الله تعالى يقول:
﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً﴾ [النساء: ٨٢].
ولما كان التقدير: فكان منه سبحانه المبدأ، عطف عليه قوله: ﴿وإليه﴾ أي وحده ﴿المصير *﴾ أي بعد البعث بعين القدرة التي قدر بها على البدأة فمن كان على الفطرة الأولى لم يغيرها أدخله الجنة، ومن كان قد أفسدها فجعل روحه نفساً بما طبعها به من حيث جسده أدخله