﴿أني رسول الله﴾ أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له ورسوله أيضاً يعظم ويحترم لا أنه تنتهك جلالته وتخترم ﴿إليكم﴾ لا أقول لكم شيئاً إلا عنه، ولا أنطق عن الهوى، فعصياني عصيانه مع أني ما قلت لكم شيئاً إلا تم، وإن كنتم قاطعين بخلافه فهي معصيته لا حامل عليها أصلاً إلا رداءة الجبلات.
ولما تحنن إليهم واستعطفهم وذكرهم ما يعلمون من رسليته وصلته بالله بما شاهدوا من الآيات التي هي أعظم الإحسان إليهم، أعلم أنهم أوشكوا العصيان، فقال معبراً عن ذلك بالفاء تسبيباً عن هذا القول الذي هو أهل لأن يسبب الثبات وتعقيباً وتقريباً: ﴿فلما زاغوا﴾ أي تحقق زيغهم عن قرب عن أوامر الله في الكتاب الآتي إليهم بما أبوا من قبول أمره في الإقدام على الفتح ﴿أزاغ الله﴾ أي الذي له الأمر كله ﴿قلوبهم﴾ من الاستواء، وجمع الكثرة يدل على أنه لم يثبت منهم إلا القليل فهزمهم بين يدي أعدائهم وضربهم بالتيه لأنهم فسقوا عن أمر الله ﴿فالله﴾ - لا يهديهم، فأسند الذنب إليهم والعقوبة إليه وإن كان الكل فعله تعليماً لعباده الأدب وإعلاماً بأن أفعالهم الاختيارية ينسب إليهم كسبها ويقوم به الحجة عليهم لعدم علمهم بالعاقبة ﴿والله﴾ أي الملك الأعظم الذي له الحكمة البالغة لأنه المستجمع لصفات الكمال


الصفحة التالية
Icon