كالقرون المذكورين في الأعراف، ثم سبب عن كفرهم وعقب قوله: ﴿فذاقوا﴾ أي باشروا مباشرة الذائق بالعدل الثاني كما كان حكم عليهم بالعدل الأول بالتقسيم إلى كافر ومؤمن ﴿وبال أمرهم﴾ أي شدة ما كانوا فيه مما يستحق أن يشاور فيه ويؤمر وينهى وثقله ووخامة مرعاه في الدنيا، وأصله الثقل كيفما قلب ﴿ولهم﴾ أي مع ما ذاقوه بسببه في الدنيا ﴿عذاب أليم *﴾ في البرزخ ثم القيامة التي هي موضع الفصل الأعظم.
ولما ذكر ما أحله بهم سبحانه وأشار إلى القطع بأنه من عنده باتساقه في خرقه العوائد بالاستئصال والخصوص لمن كذب الرسل والتنجية لمن صدقهم، علله بقوله: ﴿ذلك﴾ أي الأمر الشنيع العظيم من الوبال الدال قطعاً على أن الكفر أبطل الباطل وأنه مما يغضب الخالق. ولما لم يكن مقصودها كمقصود غافر من تصنيف الناس صنفين، وإنما حصل تصنيفهم هنا بالعرض للدلالة على الساعة اكتفى بضمير الشأن فقال: ﴿بأنه﴾ أي بسبب أن الشأن العظيم البالغ في الفظاعة ﴿كانت تأتيهم﴾ على عادة مستمرة ﴿رسلهم﴾ أي رسل الله الذين أرسلهم إليهم وخصهم بهم ليكونوا موضع سرورهم بهم ﴿بالبينات﴾ أي الأمور التي توضح غاية الإيضاح أنهم رسل الله من الكتب وغيرها، فشهدوا الأمر من معدنه، فلذلك كان عذابهم أشد.


الصفحة التالية
Icon