وهو كالعلة لآخر «المنافقون» :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ ولما كان الأزواج أقرب عداوة من الأولاد قدمهن، فقال مؤكداً لمن يستبعد ذلك: ﴿إن من أزواجكم﴾ وإن أظهرن غاية المودة ﴿وأولادكم﴾ وإن أظهروا أيضاً غاية الشفقة والحنان ﴿عدواً لكم﴾ أي لشغلهم لكم عن الدين أو لغير ذلك من جمع المال وتحصيل الجاه لأجلهم والتهاون بالنهي عن المنكر فإن الولد مجبنة وغير ذلك، قال أبو حيان رحمه الله تعالى: ولا أعدى على الرجل من زوجه وولده إذا كانا عدوين وذلك في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فبإذهاب ماله - كما هو معروف - وعرضه، وأما في الآخرة فيما يسعى في اكتسابه من الحرام لأجلهم وبما يكسبانه منه بسبب جاهه.
فالرجل من رأى ذلك نعمة من الله فجعله معيناً له على طاعته لا قاطعاً ومعوقاً عما يرضيه بأن يلتهي بمحبته وعداوته وبغضته. ولما أخبر عن العداوة، عبر بما قد يفهم الواحد فقط تخفيفاً، ولما أمر بالحذر جمع إشارة إلى زيادة التحذير والخوف في كل أحد ولو كان أقرب الأقرباء لأن الحزم سوء الظن كما رواه الطبراني في الأوسط، فسبب عن الإخبار بالعداوة الأمر بالحذر في قوله: ﴿فاحذروهم﴾ أي بأن تتقوا الله في كل أمرهم فتطلبوا في


الصفحة التالية
Icon