التي نزلت بعد الصحف وحكم بها النبيون، فتصديقي لها مع تأييدي لها مؤيد لأن ما أقمته من الدلائل حق ومبين أنها دليلي فيما لم أنسخه منه كما يستدل الإنسان بما قدامه من الأعلام ويراعيه ببصره.
ولما ذكر أول الكتب ذكر أيضاً أول الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً وهو آخر الرسل ليكون في ذلك إشارة إلى أن البشارة به في التوراة والإنجيل فقال: ﴿ومبشراً﴾ أي في حال تصديقي للتوراة.
ولما كانت رسالته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامة لجميع الخلق لم يذكر في رسالته حرف الغاية كما ذكر في الرسالتين المذكورتين قبل فقال: ﴿برسول﴾ أي إلى كل من شملته المربوبية ﴿يأتي﴾ ولما كان إتيانه بعده بمدة طويلة أدخل الجار فقال: ﴿من بعدي﴾ ولما كان الإتيان بغاية البيان وإزاحة اللبس بكل اعتبار أقعد في العتاب لمن هفا بعده والأخذ لمن جفا فنقض عهده، أتى بالاسم الذي ما شارك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه أحد في زمانه ولا قبله أصلاً، ووزنه دال على المبالغة في معناه فقال: ﴿اسمه أحمد﴾ أي دال على أنه أبلغ الخلق حامداً ومحموداً وهو اسمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السماء التي سيصير إليها هذا المبشر، وفي تخصيصه بالذكر احتراز عن أن يتوهم أن البعدية في الرتبة لأنه يليح بتصديره


الصفحة التالية
Icon