أي بوعد لا خلف فيه، وصرف الخطاب إلى الغيبة إيذاناً بأن الأب ترك الأولى فيما هو جدير به من المياسرة لكونه حقيقاً بأن يكون أوسع بطاناً وأعظم شأناً من أن يضيق عما ترضى به المرأة استناناً به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً أو قطعية رحم فقال: ﴿له﴾ أي الأب ﴿أخرى *﴾ أي مرضعة غير الأم ويغني الله عنها وليس له إكرهها إلا إذا لم يقبل ثدي غيرها، وهذا الحكم لا يختص بالمطلقة بل المنكوحة كذلك.
ولما كانت المعاسرة في الغالب في ترك السماح، وكان ترك السماح من خوف الإعدام، نبه سبحانه على أن ذلك ليس بعذر بتقسيم الناس إلى موسع عليه وغيره، ولأن الأليق بالموسع عليه أن يوسع ولا يسيء الظن بربه وقد جرب رفده، وأن المقتر عليه لا ينبغي أن يفعل فعل من يخاف أن يخلف وعده، فقال شارحاً للمياسرة: ﴿لينفق ذو سعة﴾ أي مال واسع ولم يكلفه سبحانه جميع وسعه بل قال: ﴿من سعته﴾ التي أوسعها الله عليه. ولما كان الإعطاء من غير تقدير ملزوماً للسعة، كان التقدير كناية عن الضيق فقال: ﴿ومن قدر﴾ أي ضيق وسكنت عليه حركته ورقدت عنه معيشته ﴿عليه رزقه﴾ بأن جعله الله الذي لا يقدر على التضييق والتوسيع غيره بقدر ضرورياته فقط من غير


الصفحة التالية
Icon