فيه ﴿خسراً *﴾ أي نفس الخسر في الدارين، فكلما امتد الأمر وجدوه أمامهم فإن من زرع الشوك كما قال القشيري لا يجني الورد، ومن أضاع حق الله لا يطاع في حظ نفسه، ومن احترق بمخالفة أمر الله تعالى فليصبر على مقاساة عقوبة الله تعالى، ثم فسر الخسر أو استأنف الجواب لمن يقول: هل لها غير هذا في هذه الدار، بقوله: ﴿أعد الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿لهم﴾ بعد الموت وبعد البعث ﴿عذاباً شديداً﴾.
ولما تمت الأحكام ودلائلها، وأحكمت الآيات وفواصلها، والتهديدات وغوائلها، كانت فذلكتها وثمرة سياقها وموعظتها ما تسبب عن ذلك من قوله تعالى تنبيهاً على ما يحيي الحياة الطيبة وينجي في الدارين: ﴿فاتقوا الله﴾ أي الذي له الأمر كله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
ولما كان في تخليص المواعظ من الأحكام واستثمارها من فواصل هذا الكلام أمر عظيم هو من الرقة بمكان لا يبصره إلا ذوو الأفهام قال تعالى: ﴿يا أولي الألباب *﴾ أي العقول الصافية النافذة من الظواهر إلى البواطن ﴿الذين آمنوا﴾ أي خلصوا من دائرة الشرك وأوجدوا


الصفحة التالية
Icon