يصور لكل إنسان صورة عمله بحيث لا يشك أنها عمله، ثم يجعل تلك الصورة عذابه الذي يجد فيه من الألم ما علم سبحانه أنه بمقدار استحقاقه.
ولما أفهم الأمر بالوقاية والمدح للملائكة أن المأمورين بالوقاية مقصرون قال مرشداً إلى داوء التقصير: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ ناداهم بما هو أليق بهم من أداة البعد ﴿توبوا﴾ أي ارجعوا رجوعاً تاماً ﴿إلى الله﴾ أي الملك الذي لا كفوء له.
ولما كان كل فعول بمعنى فاعل يستوي فيه المذكر والمؤنث قال: ﴿توبة نصوحاً﴾ أي بالغة في كونها ناصحة عن الإسناد المجازي أي منصوحاً فيها بالإخلاص في الأزمان الثلاثة، الماضي بالندم، والحال بالإقلاع. والمستقبل بالعزم على عدم العود إلى الذنب، فلا يقع فيها رجوع كما لا يعود الحليب إلى الضرع، فلا يؤذي أحد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن أذى رسوله من أذاه، قال القرطبي: النصوح مجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيىء الإخوان، وقال رويم الراعي: هي أن تكون لله وجهاً بلا قفا كما كانت له عند المعصية قفاء بلا وجه.
ولما أمر بالتوبة عللها بما يفيد الإطماع من الإقامة بين الرجاء والخوف إعلاماً بأن هذا المقام هو المنجي لأنه اعتقاد الكمال له سبحانه وهو أن له أن يفعل ما يشاء في المطيع وغيره بقوله: