يمشي في الدنيا على ما أمر به سواء من غير إفراط ولا تفريط كان نوره تاماً، ومن أمالته الشهوات طفىء نوره - أعاذنا الله من ذلك ورزقنا حسن الثبات، وكان ذلك الطفىء في بعض الأوقات واختطفته كلاليب هي صور الشهوات فتميل به في النار بقدر ميله إليها، والمنافق يظهر له نور إقراره بكلمة التوحيد، فإذا مشى طفىء لأن إقراره لا حقيقة له فنوره لا حقيقة له.
ولما كان ما ذكر لا يقدر عليه إلا الله تعالى، علله بقوله مؤكداً لإنكار الكفار البعث وما تفرع عنه: ﴿إنك﴾ أي وحدك ﴿على كل شيء﴾ أي يمكن دخول المشيئة فيه ﴿قدير *﴾ أي بالغ القدرة.
ولما ذكر ما تقدم من لينه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأضعف الناس النساء وحسن أدبه وكريم عشرته لأنه مجبول على الشفقة على عباد الله والرحمة لهم، وختم بما للمؤمنين من الشرف ولله من تمام القدرة، أنتج ذلك القطع بإذلال أعدائهم وإخزائهم فقال مدارياً لهم من خطر ذلك اليوم بيد أنصح الخلق ليكون صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جامعاً في طاعته سبحانه وتعالى بين المتضادات من اللين والشدة والرضى والغضب والحلم والانتقام وغيرها، فيكون ذلك أدل على التعبد لله بما أمر به سبحانه وتعالى والتخلق بأوامره وكل ما يرضيه: ﴿يا أيها النبي﴾


الصفحة التالية
Icon