قدير} [الملك: ١] وإذا كان الملك سبحانه وتعالى بيده الملك فهو الذي يؤتي الملك والفضل من يشاء وينزعه ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء كما صرحت به الآية الأخرى في آل عمران، فقد اتضح اتصال سورة الملك بما قبلها ثم بنيت سورة الملك على التنبيه والاعتبار ببسط الدلائل ونصب البراهين حسبما يبسطه التفسير - انتهى.
ولما كان المتصرف في الملك قد لا يكون قدرته تامة ولا عامة قال تعالى: ﴿وهو﴾ أي وحده له عظمة تستولي على القلوب وسياسة تعم كل جلب نفع ودفع ضرر لأنه ﴿على كل شيء﴾ أي يمكن يشاؤه من الملك وغيره من باطنه وهو الملكوت وغيره مما وجد وما لم يوجد ﴿قدير *﴾ أي تام القدرة، ودل على ذلك بقوله: ﴿الذي خلق﴾ أي قدر وأوجد.
ولما كان الخوف من إيقاع المؤلم ادعى إلى الخضوع لأنه أدل على الملك مع أن الأصل في الأشياء العدم، قدم قوله: ﴿الموت﴾ أي هذا الجنس وهو زوال الحياة عن الحي الذي هو في غاية الاقتدار على التقلب بجعله جماداً كأن لم يكن به حركة أصلاً. أول ما يفعل في تلك الدار بعد استقرار كل فريق في داره وأن يعدم هذا الجنس فيذبح بعد أن يصور في صورة كبش ﴿والحياة﴾ أي هذا