وكانت العزة مقتضية لذلك، وكان خلقه سبحانه وتعالى لهذا الوجود على هذا النظام مثبتاً لها، وكانت أعمالهم أعمال المنكر لها، ولا سيما تصريحهم بأنه لا بعث، دل على عظمة عزته بما أبدعه من هذا السقف الرفيع البديع، ثم بجعله محفوظاً هذا الحفظ المنيع، على تعاقب الأحقاب وتكرر السنين، فقال معبراً بأداة التراخي دالاً على جلاله بإدامة التكرير طول الزمان: ﴿ثم ارجع البصر﴾ وأكد ما أفهمته الآية من طلب التكرير بقوله تعالى: ﴿كرتين﴾ أي مرتين أخريين - هذا مدلولها لغة، وبالنظر إلى السياق علم أن المرد مرة بعد مرة لا تزال تكرر ذلك لارتياد الخلل لا إلى نهاية، كما أن «لبيك» مراد به إجابة إلى غير غاية، وعلى ذلك دل قوله سبحانه وتعالى: ﴿ينقلب إليك﴾ أي من غير اختيار بل غلبة وإعياء وانكسار ﴿البصر خاسئاً﴾ أي صاغراً مطروداً ذليلاً بعيداً عن إصابة المطلوب ﴿وهو﴾ أي والحال أنه ﴿حسير *﴾ أي كليل تعب معيى من طول المعاودة وتدقيق النظر وبعد المسرح، وإذا كان هذا الحال في بعض المصنوع فكيف يطلب العلم بالصانع في كماله من جلاله وجماله، فكيف بمن يتفوه بالحلول أو الاتحاد حسبه جهنم وبئس المهاد.
ولما أخبر سبحانه وتعالى عن بديع هذا الخلق، ونبه على بعض