الذي في الدنيا بما لنا من العظمة ﴿لهم﴾ أي الشياطين الذين يسترقون السمع ﴿عذاب السعير -﴾ أي النار التي هي في غاية الاتقاد، ففي الآية بشارة أهل السمع والبصر والعقل وفيها من التنبيه ما لا يخفى.
ولما أخبر سبحانه عن تهيئته العذاب لهم بالخصوص، أخبر أيضاً عن تهيئته لكل عامل بأعمالهم على وجه اندرجوا هم فيه فقال حاثاً على التكفر في عظيم انتقامه الخارج عن العادة في عدم الانطفاء، لكونه ليس بسيف ولا عصا. ولا بسوط ونحوه بل النار الخارجة عن العادة في عدم الانطفاء، ولا للمعذب من الخلاص منها مسلك ولا رجاء بل كلما طال الزمان تلقته بالشدة والامتداد، بئس الجامعة للمذام في كل انتقام مع الإهانة والاحتقار ﴿وللذين كفروا﴾ أي أوقعوا التغطية لما من حقه أن يظهر ويشهر من الإذعان للإله، فقال صارفاً القول عن مقام العظمة إلى صفة الإحسان الخاصة بالتربية تنبيهاً على ما في إنكاره من عظيم الكفران: ﴿بربهم﴾ أي الذي تفرد بإيجادهم والإحسان إليهم فأنكروا إيجاده لهم بعد الموت وذلك كفراً منهم بما شاهدوا من اختراعه لهم من العدم ﴿عذاب جهنم﴾ أي الدركة النارية التي تلقاهم بالتجهم