ما قاله النذير ﴿وقلنا﴾ أي زيادة في التكذيب والنكاية له والعناد الذي حل شؤمه بنا: ﴿ما نزل الله﴾ أي الذي له الكمال كله عليكم ولا على غيركم، ولعل التعبير بالتفعيل إشارة إلى إنكارهم الفعل بالاختيار الملازم للتدريج - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وأعرقنا في النفي فقلنا: ﴿من شيء﴾ لا وحياً ولا غيره، وما كفانا هذا الفجور حتى قلنا مؤكدين: ﴿إن﴾ أي ما.
ولما كان تكذيبهم برسول واحد تكذيباً لجميع الرسل قالوا عناداً: ﴿أنتم﴾ أي أيها النذر المذكورون في «نذير» المراد به الجنس، وفي خطاب الجمع إشارة إيضاً إلى أن جواب الكل للكل كان متحداً مع افتراقهم في الزمان حتى كأنهم كانوا على ميعاد ﴿إلا في ضلال﴾ أي بعد عن الطريق وخطأ وعمى محيط بكم ﴿كبير *﴾ فبالغنا في التكذيب والسفه بالاستجهال والاستخفاف.
ولما حكى سبحانه ما قالوه للخزنة تحسراً على أنفسهم حكى ما قالوه بعد ذلك فيما بينهم زيادة في التحزن ومقتاً لأنفسهم بأنفسهم فقال تعالى: ﴿وقالوا﴾ أي الكفرة في توبيخ أنفسهم: ﴿لو كنا﴾ أي بما هو لنا كالغريزة.
ولما كان السمع أعظم مدارك العقل الذي هو مدار التكليف قالوا: ﴿نسمع﴾ أي سماعاً ينفع بالقبول للحق والرد للباطل ﴿أو نعقل﴾ أي بما أدته إلينا حاسة السمع وغيرها عقلاً ينجي وإن


الصفحة التالية
Icon