على تذليل غيرها، وليكن مشيتكم فيها وتصرفكم بذل وإخبات وسكون استصغاراً لأنفسكم وشكراً لمن سخر لكم ذلك - والله الهادي.
ولما ذكر سبحانه أنه يسرها للمشي، ذكرهم بأنه سهلها لإخراج الخيرات والبركات فقال: ﴿وكلوا﴾ ودل على أن الرزق فوق الكفاية بقوله: ﴿من رزقه﴾ أي الذي أودعه لكم فيها وأمكنكم من إخراجه بضد ما تعرفون من أحوالكم فإن الدفن في الأرض مما يفسد المدفون ويحيله إلى جوهرها كما يكون لمن قبرتموه فيها، ومع ذلك فأنتم تدفنون الحب وغيره مما ينفعكم فيخرجه لكم سبحانه على أحسن ما تريدون ويخرج لكم من الأقوات والفواكه والأدهان والملابس ما تعلمون، وكذلك النفوس هي صعبة كالجبال وإن قدتها للخير انقادت لك كما قيل «هي النفس ما عودتها تتعود».
ولما كان التقدير للبعث على الشكر والتحذير من الكفر: واعبدوه جزاء على إحسانه إليكم وتربيته لكم. فمنه مبدأ جميع ذلك، عطف عليه ما يدعو إلى الحياء من السيد والخجل من توبيخه عند لقائه فقال: ﴿وإليه﴾ أي وحده ﴿النشور *﴾ وهو إخراج جميع الحيوانات التي أكلتها الأرض وأفسدتها، يخرجها في الوقت الذي يريده


الصفحة التالية
Icon