إسقاطاً لهم من رتبة الفهم عن الله سبحانه وتعالى لسفول هممهم ولقصور نظرهم مع أنه جعل لهم حظاً ما من الحضور بتأهيلهم لخطاب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإقامتهم بالمذكور في الآية فيما يرجى معه العلم ويورث الفطنة والفهم: ﴿قل﴾ أي يا أشرف الخلق وأشفقهم عليهم مذكراً لهم بما دفع عنهم الملك من المفسدات وجمع لهم من المصلحات والقوى والعقل ليرجعوا إليه، ولا يعولوا في حال من أحوالهم إلا عليه، وينظروا في لطيف صنعه وحسن تربيته فيمشي كل منهم سوياً: ﴿هو﴾ أي الله سبحانه وتعالى ﴿الذي﴾ شرفكم بهذا الذكر وبين لكم هذا البيان وحده الذي ﴿أنشأكم﴾ أي أوجدكم ودرجكم في مدارج التربية حيث طوركم في أطوار الخلقة في الرحم ويسر لكم بعد خروجكم الخروج اللين حيث كانت المعدة ضعيفة عن أكثف منه.
ولما كان من أعظم النعم الجليلة بعد الإيجاد العقل، أتبعه به، وبدأ بطريق تنبيهه فقال: ﴿وجعل لكم﴾ أي خاصة مسبباً عن الجسم الذي أنشأه ﴿السمع﴾ أي الكامل لتسمعوا


الصفحة التالية
Icon