﴿كنتم﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿به﴾ أي بسببه ومن أجله، وصرف القول إلى الخطاب لأن التقريع به أنكأ في العذاب: ﴿تدعون *﴾ أي تطلبون وتوقعون الطلب له طلباً شديداً تبلغون فيه غاية الجهد على وجه الاستعجال أن يستنزل بكم مكروهه فعل من لا يبالي به بوجه، وتكررون ذلك الطلب وتعودون إليه في كل وقت معرضين عن السعي في الخلاص فيه من عدوان العذاب ونيل الوعد الحسن بجزيل الثواب لبيان قوة طلبهم له وتداعيهم إليه استهزاء به حتى كأنهم لا مطلوب لهم غيره، قدم الجار المفيد غالباً للاختصاص فهو افتعال من دعا الشيء وبالشيء إذا طلبه، ودعاه الله بمكروه: أنزله به.
ولما كان من المعلوم أن من نهى آخر عن هواه وبالغ في ذلك أبغضه ذلك الناهي وتمنى هلاكه، فكيف إذا والى عليه الإنذار والتخويف بما لا يصل إلى دركه عقله ولا يرى له مقدمة بتحققها، وكان الكفار يسعون في هلاك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن تبعه كل سعي، وكان هلاك النذير إنما ينفع المنذر على تقدير نجاته من


الصفحة التالية
Icon