يدفع عنهم ما يدفع الجار عن جاره ﴿من عذاب أليم *﴾ يصيبهم به الذي هم عالمون بأنه لا شيء إلا بيده، وإلا لنجى أحد من الموت الذي خلقه وقدره بين عباده جزاء على ما كانوا يؤلمون من يدعوهم إليه وينصحهم فيه، فإذا كان لا ينجيهم من عذابه شيء سواء متنا أو بقينا فالذي ينبغي لهم إن كانوا عقلاء السعي فيما ينجى من عذابه، لا السعي في إهلاك من هو ساع في خلاصهم من العذاب، ولا يقدرون على إهلاكه أصلاً إلا بتقدير الذي أمره بإنذارهم.
ولما كان لا يقدر على التعميم بالنعمة إلا من كان عام القدرة والنعمة والرحمة، وكان التذكير بالنعم أشد استعطافاً، صرف القول إلى التعبير بما هو صريح في ذلك، فقال مذكراً بذلك لعلمهم بأنه لا نعمة عليهم إلا منه واعترافهم بذلك ليحذروه ويتذكروا عموم قدرته فيعلموا قدرته على البعث فينفصل النزاع: ﴿قل﴾ يا خير الخلق: ﴿هو﴾ أي الله وحده ﴿الرحمن﴾ أي الشامل الرحمة لكل ما تناولته الربوبية، فلا يليق بعقل عاقل أن يدع أحداً من خلقه في ظلم ظالمه فلا يأخذ له بحقه، لأن ذلك لا يرضاه أقل الناس لنفسه مع عجزه فكيف بمن هو كامل القدرة وإلا لما قدر على عموم الرحمة ﴿آمنا به﴾


الصفحة التالية
Icon