لصدره وتهدئة لسره: ﴿ما أنت﴾ أي يا أعلى المتأهلين لخطابنا ﴿بنعمة﴾ أي بسبب إنعام ﴿ربك﴾ المربي لك بمثل تلك الهمم العالية والسجايا الكاملة بأن خصك بالقرآن الذي هو جامع لكل علم وحكمة، وأكد النفي زيادة في شرفه صل الله عليه وسلم فقال: ﴿بمجنون *﴾ أي بل الذي وصفك بهذا هو الحقيق باسم الجنون ومعناه فضلاً عن الضلال الذي ردد في آخر تلك بينك وبينهم فيه سلوكاً لسبيل الإنصاف لينظروا في تلك بالأدلة فيعلموا ضلالهم وهدايتك بالدليل القطعي بالنظر في الآثار المظهرة لذلك غاية الإظهار، فنفى عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشقاوة التي سببها فساد العقل فثبتت السعادة التي سببها صلاح العقل ونعمة الرب له.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما تضمنت سورة الملك من عظيم البراهين ما يعجز العقول عن استيفاء الاعتبار ببعضه كالاعتبار بخلق السماوات في قوله تعالى ﴿الذي خلق سبع سماوات طباقاً﴾ [الملك ٣] أي يطابق بعضها بعضاً من طابق النعل - إذا خصفها طبقاً على طبق، ويشعر هذا بتساويها في مساحة أقطارها ومقادير أجرامها - والله أعلم، ووقع الوصف


الصفحة التالية
Icon