بالصغار وبالإعياء وبالكلال لطول الإجابة والترديد، وأمر برجوع البصر ليكون في ذلك استجمامه واستعداده حتى لا يقع بالرجعة الأولى التي يمكن فيها الغفلة والذهول إلى أن يحسر بصره من طول المعاودة إذ معنى التثنية في قوله «كرتين» التكرير كقولهم: لبيك وسعديك فيحسر البصر من طول التكرار ولا يعثر على شيء من فطور، فلو لم تنطو السورة على غير ما وقع من أوله إلى هنا لكان في ذلك أعظم معتبر، وأوضح دليل لمن استبصر، إذ هذا الاعتبار بما ذكر من عمومه جار في كل المخلوقات ولا يستقل بفهم مجاريه إلا آحاد من العقلاء بعد التحريك والتنبيه، فشهادته بنبوة الآتي به قائمة واضحة، ثم قد تكررت في السورة دلالات كقوله ﴿ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح﴾ [الملك: ٥] وقوله ﴿ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾ [الملك: ١٤] الآيات إلى آخر السورة، وأدناها كاف في الاعتبار فأنى يصدر بعض عن متصف ببعض ما هزئوا به في قولهم: مجنون وساحر وشاعر وكذاب، ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ [المطففين: ١٤] فلعظيم ما انطوت عليه سورة الملك من البراهين اتبعت بتنزيه الآتي