خليقين بالتجنب للدنيا والإقبال على المعالي ﴿وهم﴾ أي والحال أن أصحاب الجنة المقسمين ﴿نائمون *﴾ وقت إرسال الطائف ﴿فأصبحت﴾ أي فتسبب عن هذا الطائف الذي أرسله القادر الذي لا يغفل ولا ينام على مآل من لا يزال أسير العجز والنوم فعلاً أو قوة أن صارت جنتهم وقت اجتنائهم لها بالغد وسرورهم بها ﴿كالصريم *﴾ أي كالأشجار التي صرم عنها ثمرها أو كالشيء الذي انقطع ما بينه وبين قاصده فلا وصول إليه بوجه، وقيل: كالليل المظلم الأسود، وقيل: كالرماد الأسود، ليس بها ثمرة، لأن ذلك الطائف أتلفها لم يدع فيها شيئاً، لأنهم طلبوا الكل فلم يزكوه بما يمنع عنه الطوارق بضد ما كان لأبيهم من ثمرة عمله الصالح من الدفع عن ماله والبركة في جميع أحواله.
ولما كانوا لقوة عزمهم على ما أقسموا عليه كأنهم كانوا على ميعاد، سبب عنه قوله: ﴿فتنادوا﴾ أي كانوا كأنهم نادى كل منهم الآخر ﴿مصبحين *﴾ أي في حال أول دخولهم في الإصباح، وفسر التنادي بقوله: ﴿أن اغدوا﴾ أي بكروا جداً مقبلين ومستولين وقادرين ﴿على حرثكم﴾ أي محل فائدتكم الذي أصلحتموه وتعبتم فيه فلا يستحقه غيركم، فكأنهم استبطؤوا قيامهم وغدوهم فكفوا عنه بقوله:


الصفحة التالية
Icon