ولما كان النور لإظهار صور الأشياء بعد انطماسها سبباً لوضع الأشياء في أتقن مواضعها، وكان ما أتى من عند الله من العلم كذلك، جعل عينه فأطلق عليه اسمه فقال: ﴿نوره﴾ فلا يضره ستر أحد له بتكذيبه ولا إرادة إطفائه، وزاد ذلك بقوله: ﴿ولو كره﴾ أي إتمامه له ﴿الكافرون *﴾ أي الراسخون في صفة الكفر المجتهدون في المحاماة عنه.
ولما أخبر بذلك، علله بما هو شأن كل ملك فكيف بالواحد في ملكه فقال: ﴿هو﴾ أي الذي ثبت أنه جامع لصفات الجمال والجلال وحده من غير أن يكون له شريك أو وزير ﴿الذي أرسل﴾ بما له من القوة والإرادة ﴿رسوله﴾ أي الحقيق بأن يعظمه كل من بلغه أمره لأن عظمته من عظمته، ولم يذكر حرف الغاية إشارة إلى عموم الإرسال إلى كل من شمله الملك كما مضى ﴿بالهدى﴾ أي البيان الشافي ﴿ودين الحق﴾ أي الملك الذي ثباته لا يدانيه ثبات، فلا ثبات لغيره، فثبات هذا الدين بثباته، ويجوز أن يكون المعنى: والدين الذي هو الحق الثابت في الحقية الكامل فيها كمالاً ليس لغيره، فيكون من إضافة الموصوف إلى صفته إشارة إلى شدة التباسه بها ﴿ليظهره﴾ أي يعليه