هي إلا حياتنا الدنيا نموت} [المؤمنون: ٣٥، ٣٦، ٣٧]- الآية، فإن الامر فيهم دائر بين عاد وثمود: ﴿كذبت ثمود﴾ وتقديمهم أيضاً من حيث أن بلادهم أقرب إلى قريش، وواعظ القرب أكبر وإهلاكهم بالصيحة وهي أشبه بصيحة النفخ في الصور المبعثر لما في القبور ﴿وعاد﴾ وكان الأصل أن يقال: بها، ولكنه أظهرها بوصف زادها عظماً وهولاً فقال: ﴿بالقارعة *﴾ أي التي تقرع، أي تضرب ضرباً قوياً وتدق دقاً عنيفاً شديداً للأسماع وجميع العالم بانفطار السماوات وتناثر النيرات ونسف الجبال الراسيات، فلا يثبت لذلك الهول شيء.
ولما جمعهم في التكذيب، فصلهم في التعذيب لأجل ذلك التكذيب فقال: ﴿فأما ثمود﴾ وهم قوم صالح عليه السلام.
ولما كان الهائل لهم لتقيدهم بالمحسوسات إنما هو العذاب، لا كونه من معين، بنى للمجهول قوله: ﴿فأهلكوا﴾ أي بأيسر أمر من أوامرنا ﴿بالطاغية *﴾ أي الصيحة التي جاوزت الحد في الشدة فرجفت منها الأرض والقلوب.
ولما ذكر المهلكين بالصيحة لأجل التكذيب بالقارعة تحذيراً لمن يكذب بها، أتبعه المهلكين بما هو سبب لإنفاذ الصيحة وتقويتها دلالة على تمام القدرة على كل نوع من العذاب بالاختيار