بعدهم، علل اختيار إنجائهم بالسفينة دون غيرها فقال: ﴿لنجعلها﴾ أي هذه الفعلات العظيمة من إنجاء المؤمنين بحيث لا يهلك منهم بذلك العذاب أحد وإهلاك الكافرين بحيث لا يشذ منهم أحد، وكذا السفينة التي حملنا فيها نوحاً عليه السلام ومن معه بإبقائها آية من آياته وأعجوبة من بدائع بيناته وغريبة في الدهر من أعجوباته ﴿لكم﴾ أي أيها الأناسي ﴿تذكرة﴾ أي سبباً عظيماً لذكر أول إنشائه والموعظة به لتستدلوا بذلك على كمال قدرته تعلى وتمام علمه وعظمة رحمته وقهره، فيقودكم ذلك إليه وتقبلوا بقلوبكم عليه ﴿وتعيها﴾ أي ولتحفظ قصة السفينة وغيرها مما تقدم، حفظاً ثابتاً مستقراً كأنه محوى في وعاء.
ولما كان المنتفع بما يسمع الحافظ له قليلاً جداً، دل على ذلك يتوحيد الأذن فقال موحداً منكراً مع الدلالة على تعظيمها: ﴿أذن﴾ أي عظيمة النفع ﴿واعية *﴾ أي من شأنها أن تحفظ ما ينبغي حفظه من الأقوال والأفعال الإلهية والأسرار الربانية لنفع عباد الله كما كان نوح عليه السلام ومن معه وهم قليل سبباً لإدامة النسل والبركة فيه


الصفحة التالية
Icon