في أمور هذه الدار والإفضال عليهم وإن لا يكون كلاًّ عليهم من غير اعتماد على السعي بل امتثالاً للأمر مع القناعة بالكفاف.
ولما كانت العادة جارية بأن أهل العرض ينقسمون إلى قسمين: مقبول ومردود، وذكر سبحانه وتعالى المقبول بادئاً به تشويقاً إلى حاله وتغبيطاً بعاقبته وحسن مآله، أتبعه المردود تنفيراً عن أعماله بما ذكر من قبائح أحواله فقال: ﴿وأما من﴾ ولما كان الدال على المساءة الإيتاء على وجه قبيح، لا تعيين المؤتي، قال بانياً للمفعول لذلك وللدلالة على ذل الأخذ وعدم قدرته على الامتناع عن شيء يسوءه: ﴿أوتي كتابه﴾ أي صحيفة أعماله - أعاذنا الله من ذلك ﴿بشماله فيقول﴾ أي لما يرى من سوء عاقبته التي كشف له عنها الغطاء حتى لم يشك فيها لما يرى من قبائحه التي قدمها، وكل ما يأتي مما يوهم سكتة في ذلك اليوم فمن باب المكابرة والمدافعة بالباطل على ما كان عليه في الدنيا ﴿يا ليتني﴾ تمنياً للمحال، وجرى عن نسق ما مضى في البناء للمفعول الدال على ذله وعدم جبلته فقال: ﴿لم أوت﴾ أي من مؤت ما ﴿كتابيه *﴾ أي هذا الذي ذكرني بخبائث أعمالي وعرفني جزاءها ﴿ولم﴾ أي ويا ليتني لم ﴿أدر﴾ ولو حاولت الدراية ﴿ما﴾ أي حقيقة ﴿حسابيه *﴾