وكرروها لغمسه في النار كالشاة المصلية مرة بعد أخرى ولا تصلوه في أول أمره غيرها لأنه كان لا يألو جهداً أن يحرق قلوب النصحاء بأشد ما يقدر عليه من الكلام وغيره، وكان يتعظم على الضعفاء، فناسب أن يصلي أعظم النيران، وعبر أيضاً بأداة التراخي لعلو رتبة مدخولها، فقال مؤذناً بعدم الخلاص: ﴿ثم في سلسلة﴾ أي عظيمة جداً لا ما هو دونها.
ولما قدمها دلالة على الاهتمام بها وعلى تخصيصها لشدة مخافتها، عرف بعظيم هولها وشدة فظاعتها ليجتمع المفهوم والمنطوق على تهويلها فقال: ﴿ذرعها﴾ أي في أيّ شيء فرضت من طول أو عرض ﴿سبعون ذراعاً﴾ يحتمل أن يكون هذا العدد حقيقة، وأن يكون مبالغة، والذي يدل على أنها للمبالغة ما رواه الترمذي - وقال: إسناده حسن - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لو أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى مثل الجمجمة - وأرسلت من السماء إلى الأرض - وهي مسيرة خمسمائة سنة - لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها وقعرها» وأشار سبحانه


الصفحة التالية
Icon