يكون تحت غيره ليسيل ماء غسالته إليه.
ولما حصر طعامهم فيما لا يقربه أحد باختياره، حصر من يتناوله معبراً عنهم بالوصف الذي أوجب لهم أكله فقال: ﴿لا يأكله﴾ وفرغ الاستثناء تنبيهاً على أن المستثنى هو المقصود حتى كأنه لا مستنثى منه فقال: ﴿إلا الخاطئون *﴾ أي يأكله المتعمدون للخطايا لا غيرهم، وهو من خطأ الرجل بوزن فرح مهموزاً - إذا تعمد الذنب، وأما المخطىء فهو من قصد الخير فلم يصبه بغير تعمد ﴿فليس عليكم جناح فيما أخطأتم به﴾ أي أردتم الصواب فلم تصيبوه، وهذا الطعام يغسل ما في بطونهم من الأعيان والمعاني التي بها قوام صاحبها، وهو بمنزلة ما كانوا يشحون به من أموالهم التي أبطنوها وادخروها في خزائنهم واستأثروا بها على الضعفاء.
ولما ذكر سبحانه وتعالى الحاقة التي جعلها دار الحساب للمحسن والمسيء اللذين قسمتهما القدرة واقتضتهما الحكمة، وصوب إليهما القرآن الذي هو ذكر للعالمين بالوعد والوعيد والبشارة والتهديد، ومن المعلوم ببديهة العقل أنه لا يصح أصلاً في حكمة أحد أن يترك من تحت يده هملاً لا سيما إن كان تقدم إليهم بالأمر والنهي، وأقام الدليل على قدرته عليها بتعذيب من استأصلهم لأجل تكذيب رسله ليكون