قال عاطفاً على ما تقديره: فلو لم يكن تنزيل رب العالمين عليه لم يعجزوا عنه: ﴿ولو تقوّل﴾ أي كلف نفسه أن يقول مرة من الدهر كذباً ﴿علينا﴾ على ما لنا من صفات العظمة والجلال والبهاء والكمال والكبرياء ﴿بعض الأقاويل *﴾ التي لم نقلها أو قلناها ولم نأذن له فيها، وهو جمع أفعولة من القول كالأضاحيك جمع أضحوكة، لا جمع أقوال، ليكون جمع الجمع، لأنه يلزم عليه أن لا يعاقب بما دون ثلاثة أقوال ﴿لأخذنا﴾ أي بعظمتنا أخذ قوة وغضب وقهر وإهلاك، وأكده للإعلام بشدة الغضب من الكذب وشدة قبحه.
ولما كان أخذه أخذاً يتلاشى عنده كل أخذ لأن من افترى على الملوك لا يفعل به إلا ذلك قال: ﴿منه﴾ أي خاصة ﴿باليمين *﴾ أي التي هي العضو الأقوى منه فيها يكون بطشه فنذهبه بشدة بطشنا، أو اليمين منا، فيكون كناية عن أخذنا له بغاية القوة، فإن قوة كل شيء في ميامنه، وقيل: إذا أراد الملك إهانة شخص قال: خذه يا فلان، فيأخذه بيمينه، فهو كناية عن الإذلال، وقيل: هذا تصوير قتل الصبر بأشنع صورة، فإن الملك إذا أراد التخفيف على من يقتله أمر السياف فأخذ يساره بيساره، وضرب بالسيف من ورائه لأن العنق


الصفحة التالية
Icon